الغاز الطبيعي مكان النفط في توليد الكهرباء يوفر على الكويت 70% من الكلفة

خطوة طال انتظارها في الكويت ستبدأ في الأشهر المقبلة تتمثل في إنتاج الغاز الحر في البلاد. وقد أشاد خبراء كويتيون بهذه الخطوة لما تمثله من فوائد للبلاد خصوصا عبر توفير مبالغ طائلة من الأموال لا تقل عن 70% من كلفة توليد الكهرباء وسد جانب من الاحتياجات.

رأى خبراء ومسؤولون كويتيون في حديث لـ«الجريدة» ان بدء الكويت بانتاج الغاز الحر في الاشهر المقبلة يعتبر خطوة ايجابية للغاية للبلاد، حيث سيتم استبدال استخدام النفط بالغاز مما سيخفض كلفة توليد الكهرباء بما لا يقل عن 70%، بالاضافة الى اعتباره من الوقود النظيف وغير الملوث للبيئة.

سارة أكبر

وفي اتصال مع «الجريدة» اعتبرت نائبة رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب في شركة كويت انرجي المهندسة سارة اكبر ان بدء انتاج الغاز في الكويت في الاشهر القادمة سيوفر على الدولة مبالغ طائلة، لانه سيستخدم في محطات الكهرباء بدلا من استخدام انواع الوقود الاخرى كالنفط الخام وغيره، كما اوضحت انه يعتبر من الوقود النظيف وغير الملوث للبيئة. وقالت ان الغاز حاليا يستخدم في تشغيل محطات توليد الكهرباء وصناعة البتروكيماويات، وبالتالي فان الغاز الموجود حاليا في الكويت هو الغاز المصاحب وليس الغاز الحر وتزداد كميته كلما ازدادت كمية الانتاح النفطي في البلاد وتنخفض عند انخفاضها، مشيرة الى ان الغاز المصاحب يحتوي على مواد هامة من سوائل الغاز التي تستخدمها الصناعة والاستخدامات المنزلية وغيرها. وقالت ان كمية الغاز المنتجة في الكويت حتى الان لا تكفي حاجة البلاد لذلك يتم استيراد الغاز من الخارج وتحتاج الكويت الى الغاز الحر.

وحاولت البلاد في البداية الاستفادة من كميات الغاز المصاحب للنفط الخام في حقولها، ولكن نظرا الى ضعف هذه الكميات فإنها لم تكن مشجعة على الاستغلال الاقتصادي لها.

عبد الله النيباري

وقال الخبير في شؤون النفط النائب السابق عبدالله النيباري ان كميات الغاز الحر المراد انتاجها في ديسمبر والمقدرة بـ175 مليون قدم مكعبة هي كميات قليلة ولا تكفي حاجات البلاد لتوليد الكهرباء، مشيرا الى ان حاجة الكويت تقدر بمليار قدم مكعبة من الغاز الحر، لافتا الى ان هناك خططا لانتاج هذه الكميات. وقال ان التحدي الذي يواجه الكويت في هذا المجال هو تغطية حاجات توليد الكهرباء من الغاز، حيث كان في السابق وقبل الغزو يستورد من العراق لكنه توقف بعد ذلك، كما كان هناك مشروعان لاستيراد الغاز من قطر وايران لكنهما ايضا توقفا.

علي البغلي

من جانبه رأى وزير النفط الاسبق علي البغلي ان اكتشاف الغاز في الكويت هو اكتشاف مهم، لان الكويت بلد ينقصه الغاز وان الغاز الموجود حاليا في المكامن هو غاز مصاحب، وبالتالي يجب استخراج النفط لاستخراج الغاز منه وعندما لا نحتاج الى الغاز نقوم بحرقه. وقال البغلي ان الكويت كانت تستورد الغاز من العراق قبل الغزو والاحتلال، في حين عرضت عليها دولة قطر بعد ذلك بيعها الغاز لان الكويتيين بأمس الحاجة اليه، لانه طاقة نظيفة ورخيصة لكن الموضوع تعثر لاسباب لوجستية، وذلك بسبب مرور الانابيب عن طريق المملكة العربية السعودية، وبالتالي فان الكويت تحتاج الى الغاز لتوليد الطاقة الكهربائية وتكرير المياه فتستخدم هذا الغاز بدلا من النفط، وبالتالي يمكن لها ان تبيع النفط بدلا من استخدامه في توليد الطاقة، وهو ما سيوفر عليها اموالا طائلة ولدينا محطات الكهرباء تعمل على الغاز والنفط المكرر والنفط الخام، وبالتالي فليس لدى الكويت اي مشكلة في استخدام الغاز مباشرة، وهذا مؤشر ايجابي بالنسبة للاقتصاد وبالنسبة لدخل الكويت من الثروة النفطية مستقبلا. وعزا البغلي التأخير لليوم في انتاج واكتشاف الغاز لقلة المكامن والحقول الغازية في الكويت، مشيرا الى ان الكويت تشتهر بالنفط الخام وليس بالغاز وان الغاز كان موجودا في الكويت بكميات قليلة جدا، معبرا عن اعتقاده بان الاكتشاف الجديد ذو كميات تجارية وبكميات قابلة للاستخراج.

وقال البغلي ان الكويت كان لديها غاز لكنه غاز مصاحب ويجب استخراج النفط لاستخراجه وفصله عنه، واصفا العملية بالمكلفة. اما عن تأثير ذلك في الايرادات النفطية فرأى ان الخطوة ستلقي ]بظلالها الايجابية على الايرادات المالية للكويت، لان كمية البترول الخام والبترول المكرر التي كانت تستخدم في محطات الطاقة الكهربائية ستستبدل بالغاز، بينما ستباع هذه الكميات في السوق الدولي باسعار جيدة في ظل ارتفاع اسعار النفط، متمنيا ان تصل الكويت الى مرحلة تستغني فيها عن النفط كمولد للطاقة وتستخدم الغاز بدلا منه، مؤكدا ان ذلك سيضيف الى دخل الكويت وسيعطي في جانب مهم منه الطاقة النظيفة لما يشكله الغاز من طاقة انظف من البترول، لافتا الى ان دولة قطر عملت على استخدام الغاز بدلا من النفط في سيارات الاجرة على وجه التحديد، معربا عن امله ان تحذو الكويت حذو قطر في هذا المجال.

د.عباس المجرن

من جهته قال رئيس وحدة الطاقة والبيئة بمركز التميز في جامعة الكويت الدكتور عباس المجرن ان اهمية هذا الانتاج تكمن في مساعدته للبلاد على حل مشكلتين رئيسيتين. الاولى تتمثل بعدم وجود القيمة من الغاز الطبيعي لتشغيل مصنع الغاز المسال الذي انشئ في مطلع السبعينيات وكان مصمما ليعمل بطاقة انتاج تحتاج الى الغاز المصاحب للنفط الخام الكويتي، والذي كان معدل انتاجه اليومي انذاك بحدود 3 ملايين برميل، مشيرا الى انه عندما تقرر خفض انتاج النفط الخام الى نصف ذلك المستوى، واجه مصنع تسييل الغاز مشكلة عدم توافر المادة الاولية الكافية لتشغيله مما جعله مشروعا خاسرا منذ بداية تشغيله. ويحل وجود الغاز الطبيعي الحر جزءا من هذه المشكلة. اما المشكلة الثانية فتتعلق بعدم توافر كميات كافية من الغاز الطبيعي سواء لتشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية او توفير الكميات الكافية من الغاز لمصانع منطقة الشعيبة، مما جعل الكويت معتمدة في السنوات الماضية على استيراد الغاز الطبيعي من مصادر مختلفة من بينها على سبيل المثال لا الحصر السوق الاوروبي ودولة الامارات العربية المتحدة والعراق. ويحل توافر الغاز هذه المشكلة، ورأى المجرن انه اذا تزايدت الكميات المنتجة من الغاز الكويتي بدءا من ديسمبر بنسب كبيرة، فقد يتسنى للكويت احلال الغاز محل النفط الخام في محطات توليد الطاقة الكهربائية، مما يعني انخفاض تكلفة انتاج الكهرباء الى نحو 30% من تكلفتها في الوقت الحاضر، لافتا الى ان انتاج الغاز الطبيعي في الكويت بكميات تجارية قد يلغي مشروعات استيراد الغاز الطبيعي التي تفاوضت دولة الكويت بشأنها في مراحل مختلفة مع كل من العراق وايران وقطر. ولفت المجرن الى استفادة الكويت المحتملة من تصدير ما توفره من كميات النفط المستخدمة حاليا في توليد الكهرباء، فضلا عن المحافظة على نظافة البيئة، لان الغاز اقل بعثا للملوثات من النفط الخام.