بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة أدخرها لي ولكم إلى يوم المصير { يوم لا ينفع مال ولا بنون * إلا من أتى الله بقلب سليم } [الشعراء:88-89]
وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، أرسله الله رحمة للعالمين، فشرح به الصدور، وأنار به العقول، وفتح به أعيناً عمياً، وآذاناً صماً، وقلوباً غلفاً، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فهم الصحابة للنصوص مقدم على فهم غيرهم :
الصحابة رضي الله تعالى عنهم هم المبلغون عن الرسول صلى الله عليه وسلم.... ومن ثم فإن فهمهم للنصوص مقدم على فهوم غيرهم .....
وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا أحرص الناس رضي الله عنهم وأرضاهم على فهم الكتاب والسنة وعلى تطبيقهما، ومن ثم فإن التطبيق العملي عقيدة وشريعة لكتاب الله ولسنة رسوله صلى الله عليه وسلم نجده أفضل ما يكون عند أولئك الصحب الكرام رضي الله عنهم أجمعين، ولقد تميز هؤلاء الصحابة بعدة ميزات، ولعل من أهمها حرصهم الشديد على الفهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى كان الواحد منهم إذا حدث عن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول:
سمعته أذناي، ووعاه قلبي، وأبصرته عيناي، حين تكلم به عليه الصلاة والسلام.
كذلك أيضاً كانوا يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المسائل وعما يشكل عليهم، والنبي عليه الصلاة والسلام لما سأله أبو هريرة رضي الله عنه وأرضاه وقال:
( يا رسول الله! من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم له: لقد ظننت يا أبا هريرة ألا يسأل عن هذا الحديث أحد أولى منك؛ لما رأيت من حرصك على الحديث ).
وكانوا أيضاً يراجعون السنة، بل كانت عائشة رضي الله عنها وأرضاها زوج النبي صلى الله عليه وسلم لا تسمع شيئاً لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه، وهذا في صحيح البخاري .
و أنس بن مالك رضي الله عنه وأرضاه يقول: (كنا نكون عند النبي صلى الله عليه وسلم فنسمع منه الحديث، فإذا قمنا تذاكرناه فيما بيننا حتى نحفظه).
فالصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم كانوا حريصين كل الحرص على التلقي عن رسول الله، وعلى حسن الفهم عنه، وعلى تطبيق ما يرد إليهم وما يسمعونه، سواء كان من كتاب الله أو من حديث رسوله صلى الله عليه وسلم ...
وكان الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم قد آتاهم الله حفظاً، ودعا الرسول لبعضهم، بل كانوا رضي الله عنهم وأرضاهم يحتاطون في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتياطاً شديداً....
وهذه القضية معروفة لدى علماء الحديث، والنتيجة التي ينبغي أن نخلص منها هنا هي: أن الكتاب والسنة يرتبط فهمهما وتفسيرهما في الاعتقاد والفروع أول ما يرتبط بفهم السلف رحمهم الله تعالى، وأي انفكاك عن هذا الفهم فهو ضلال مبين، وانفتاح لباب القرامطة والرافضة، والعقلانيين والفلاسفة، والمعتزلة والمتأولة وغيرهم.
وهذه القضية -وهي قضية أن السلف رحمهم الله تعالى هم الذين يجب أن يتلقى عنهم فهم النصوص-
رضي الله عنهم وارضاهم ..
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام المرسلين ..
دمتم برعاية الله